تقرير الندوة

نظم المعهد العربي للبحوث والسياسات –نواة- يوم 24 أبريل/نيسان 2021، ندوة افتراضية عبر تطبيق زووم تحت عنوان “السياسات والممارسات في القطاع الصحي: أية انعكاسات على صحة المواطن. نموذج دولتي مصر والعراق”، وقد جاءت هذه الندوة في إطار الدورة الثالثة للبرنامج التدريبي “مهارات كتابة وإعداد أوراق السياسات” الموجه بالأساس للباحثين الشباب من مختلف دول الوطن العربي من أجل تطوير وصقل مهاراتهم في مجال كتابة وإعداد أوراق السياسات كطريقة مثلى للتعاطي مع مختلف القضايا والهموم التي يعيشها الوطن العربي برمته. وقد ترأس أشغال هذه الندوة الافتراضية ذ. جمال الخطيب، عضو مجلس إدارة معهد نواة.

قدم ذ. صلاح البدري ممثل مركز إنماء للبحوث والدراسات بالعراق خلال هذه الجلسة، ورقة سياسات تحت عنوان “غياب السياسة الدوائية الوطنية وأثرها على صحة المواطن”، مركزا في مداخلته حول ثلاث نقاط أساسية حاول الوقوف من خلالهم على إشكالية انتشار ظاهرة بيع وتداول الأدوية المغشوشة، والأسباب الكامنة وراءها، كذلك النتائج المترتبة عنها. وقد خلص ذ. صلاح البدري إلى أن استفحال هذه الظاهرة، يعزو بالأساس إلى  مجموعة من الأسباب منها : غياب منظومة دوائية مستقلة وناجعة، التقصير التشريعي، ضعف تطبيق القوانين وعدم الالتزام بها، ضعف الإمكانيات والموارد البشرية المالية، غياب الرقابة، بالإضافة لظروف الاحتلال والظروف المحيطة بذلك (الفساد، الفوضى الأمنية)، وغيرها من الأسباب…، ما ترتب عنه للأسف مجموعة من الجوانب السلبية، كتردي الواقع الصحي وفقدان الثقة في القطاع الصحي، ما نترتب عنه مجموعة من النتائج، كتردي الواقع الصحي في عموم البلد وتزايد أعداد الوفيات وأعداد المرضى وتعريض حياة المواطن للخطر، فقدان ثقة المواطن بالقطاع الصحي الحكومي والأهلي نتيجة انتشار الأدوية المغشوشة المتداولة بالصيدليات ما حمل المواطن العراقي أعباء مالية باهظة ترهق كاهله نتيجة اضطراره للسفر خارج العراق من أجل تلقي العلاج ، بحيث يسافر آلاف العراقيين للعلاج في إيران والأردن وتركيا والهند ودول أخرى…. هذا زيادة على استنزاف موارد الدولة حيث تخصص الدولة مبالغ كبيرة لاستيراد الأدوية، ثم تعطيل الصناعة الدوائية الوطنية من خلال إغراق السوق المحلية بالأدوية المستوردة.

وفي ختام هذه الندوة، وللحد من هذه الظاهرة، توقف ذ. صلاح البدري على مجموعة من البدائل و الخيارات لتجاوز هذا الوضع، وذلك من خلال وضع وتطوير سياسة دوائية وطنية، تعمل على ضمان جودة الأدوية من خلال العمل على ضمان واستدامة جودة الدواء عبر سلسلة تصنيعه واستيراده وتخزينه وتوزيعه ووصفه وصرفه واستعماله، ثم، إنشاء منظومة غذاء ودواء مستقلة تعمل على  ضمان سلامة وجودة الغذاء وصلاحيته للاستهلاك البشري وفاعلية وجودة ومأمونية الدواء والمواد ذات العلاقة، وذلك من خلال تطبيق أنظمة رقابية مبنية على أسس علمية ومعايير العالمية دقيقة، وأخيراً، إنشاء وتطوير صناعة دوائية وطنية لدعم وتشجيع الصناعة الدوائية الوطنية وسد الحاجة المحلية من الدواء من خلال تعديل قانون الاستثمار وتبسيط إجراءات وزارة الصحة بحيث تكون دعماً حقيقياً لإقامة وتشغيل مصانع إنتاج الأدوية.

وتفاعلا مع هذا النقاش، قدم المتتبعون/ت مجموعة من الأسئلة والاستفسارات على هامش هذه الندوة، حول تأثير الوضع الصحي الراهن على المنظومة الصحية بالعراق، فأزمة كورونا كشفت عن العيوب وعن حجم الدمار الكبير الذي يعاني منه هذا القطاع، خصوصا أمام العدد الكبير من الإصابات والوفيات التي عرفتها العراق خلال هذه الفترة، وبخصوص الاستفسار حول الآفاق والإمكانات الممكنة لحل هذا المشكل، فهي غائبة في الوقت الراهن وأنه يعول على الحراك والإرادة الشعبية، كذلك الانتخابات السياسية القادمة لتغيير الوضع وإدخال إصلاحات جديدة تستجيب للمتطلبات الصحية والاجتماعية ككل. كما أن عدم استقلالية السياسة الصحية بالعراق؛ وتعدد أوجه التدخل الصحي ما بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص من شأنه خلق خلخلة في تدبير القطاع الصحي وفقدان السيطرة عليه.

أما عن مرجعية قطاع الصحة والأدوية بالعراق، فبالإضافة إلى كونه حقا من حقوق الإنسان، إلا أنه في نفس الوقت يعتبر خدمة مجانية لجميع المواطنين، لكنها للأسف لا تلبي حاجة المواطنين من الدواء والتطبيب، ما يدفع بعضهم للجوء للمؤسسات الأهلية، والبعض الآخر يلجأ للسفر خارج البلاد بغرض العلاج.

وأخيرا تم التطرق إلى مدى تأثير المحيط الإقليمي على هذا القطاع بالعراق، فغياب سياسة دوائية وطنية مستقلة فتح المجال أمام دول الجوار (سوريا، إيران، تركيا…) لتوزيع الأدوية المهربة والتي تشكل تهديدا حقيقيا على صحة المواطنين.


شاهد أيضا
تعليقات
تعليقات الزوار
Loading...